يوم 26 شتنبر 2013 كان نقطة تحول كبير في مسار حياتنا، في هذا اليوم أعلنا رسميا عن غرس بذرة صغيرة اسمها جمعية آفاق لتأهيل وإدماج الأشخاص في وضعية إعاقة، بذرة غرست في تربة طيبة ملؤها المسؤولية اتجاه المجتمع، التفاني لتقديم الأفضل للأشخاص ذوي الإعاقة، سقيناها طيلة سنوات بعرق الاجتهاد، ورعيناها بمعطف السهر، فكانت شغلنا الشاغل حتى عن أمورنا وأسرنا.
الآن يشتد عودها بعد مضي 10 سنوات، لتتحول البذرة إلى شجرة وافرة الظلال، يفيء إليها من آمن بها واستيقن من جدواها، وتلمس خدماتها عن قرب دون مواربة. 10 سنوات انقضت بأفراحها وأتراحها، حلوها ومرها، ضيقها وسعتها ولكن يبقى الأثر الناجم عنها مفخرة لنا ويثبت أن مجهودنا لم يذهب غثاءا وأن سهرنا أعقبه فجر ساطع.
أتذكر تلك الصبيحة التي انتقلنا فيها إلى منزل صغير بحي ولي العهد، اكتريناه كي يكون حضنا لولادة مشروعنا المجتمعي، كان المنزل فارغا فملأناه عزيمة واصرارا، انطلقنا زرافات وافرادا، منا من يرفع كراسيا واخرون يتعاونون على حمل طاولة، قنينات ماء، أوراق وأقلام، قافلة تلفها ضحكات وقهقهات تؤثث هذا المشهد الذي ينتقل بين أعين الناس غير عابئ بنظرات الاستغراب، كانت خطواتنا صغيرة لكن آمالنا تمخر عباب السماء.
توالت الأيام والسنوات سراعا، وأطلت البذرة بمحياها وفردت أوراقها متطلعة إلى الأفق الكبير، ركزنا في البداية على خدمة الترويض الطبي مستهدفين الأشخاص ذوي الإعاقة الناجمة عن إصابة النخاع الشوكي ثم الأطفال ذوي الشلل الدماغي ثم عموم المواطنين من الفئات الهشة وذوي الدخل المحدود، خلال عمليات التقييم السنوية لعملنا، وجدنا أنه من الضروري الانفتاح على خدمات شبه طبية أخرى لتحسين جودة الحياة لدى الأطفال ذوي الإعاقة وتعزيز استقلاليتهم ، بدأنا بخدمة تقويم النطق و التربية الخاصة، ثم السنة الموالية أضفنا خدمات النفس حركي والمواكبة النفسية، ولازلنا نطمح إلى إضافة خدمات أخر، يشرف على تقديم هاته الخدمات مختصون متحمسون ومتشوقون لخدمة هؤلاء الأطفال، شكلنا فريقا متنوع التخصصات يشتغل بمنهجية المشروع الفردي للعمل بشكل تكاملي ومنسق لتحقيق الأهداف المرصودة لكل طفل والوصول إلى الأثر المنشود
لم نغفل أبدا عن الترافع عن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، إيمانا منا بضرورة المساهمة في النهوض بها من خلال تصميم وتنفيذ مشاريع متنوعة ومبتكرة لها أهدافها ونتائجها المنتظرة، تجاوز عدد المشاريع سواء الفردية أو في إطار شراكات مع مؤسسات وطنية أو دولية 21 مشروعا، حاولنا من خلالها تغطية الحقوق السياسية والمدنية والاجتماعية والثقافية والبيئية والتركيز على أهمية تمتع الأشخاص ذوي الإعاقة بهذه الحقوق إسوة بباقي فئات المجتمع.
إن تنزيل هذه المشاريع لم يكن مستطاعا لولا دعم مجموعة من الشركاء الذين آمنوا بمشاريعنا واحتضنوها من أجل خلق التغيير الإيجابي الذي ننشده في منطقتنا، فقد وقعنا خلال هذه العشرية على العشرات من اتفاقيات الشراكة مع شركاء حكوميين ومؤسساتيين وطنيين وأيضا دوليين.
ولايزال الحلم القابع في أعماقنا يدغدغ أحاسيسنا، فنحن نحلم بتشييد مركز استشفائي لعلاج وإعادة تأهيل الأطفال والأشخاص ذوي الإعاقة بمدينة العيون ، يستوعب 100 سرير، 10 منها مخصصة للمصابين بغيبوبة دماغية، على مساحة 1 هكتار، بطاقم طبي وإداري يصل إلى 200 شخص، تكلفة هذا المشروع الحلم حوالي 4 مليون دولار. سنستمر في بناء فسيفساء هذا الحلم إلى أن يصبح حقيقة.