أكد المغرب من خلال مصادقته على الإتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والبرتوكول الملحق بها ، عن إلتزامه بالنهوض بحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة و حمايتها. و فتحه نقاشا لتفكير جماعي حول أمثل الطرق لإعمال مقتضيات تلك الإتفاقية و الإتجاه نحو اعتماد مقاربة شمولية لقضية الإعاقة تنتقل من المنظور التكافلي المحض إلى تعاطي شمولي تشاركي مندمج يخاطب مواطنة الشخص في وضعية إعاقة بما يسمح بضمان حقوقه في كليته .
إن الإتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة و التي تعتبر أول معاهدة شاملة لحقوق الإنسان في القرن الحادي والعشرين تنص بشكل واضح على أن حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة تعد جزء لا يتجزأ من حقوق الإنسان عامة و تدعو إلى احترام المبادئ الأساسية المتمثلة في الكرامة والإستقلالية الفردية وعدم التمييز و المشاركة التامة و الكاملة و احترام مبدأ الاختلاف ، و تؤكد على ضرورة تعزيز وحماية وكفالة تمتع جميع الأشخاص في وضعية إعاقة تمتعا كاملا على قدم المساواة مع الآخرين بجميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية و من ضمنها الحق في الوصول الى خدمات الاعلام و الإتصال كما جاء في المادة 21 من الاتفاقية الدولية و التي تنص على : (أ) تزويد الأشخاص ذوي الإعاقة بمعلومات موجهة لعامة الناس باستعمال الأشكال والتكنولوجيات السهلة المنال والملائمة ، (د) تشجيع وسائط الإعلام الجماهيري، بما في ذلك مقدمي المعلومات عن طريق شبكة الإنترنت، على جعل خدماتها في متناول الأشخاص ذوي الإعاقة؛ (هـ) الاعتراف بلغات الإشارة وتشجيع استخدامها.
كما أن المغرب يتحصل على مجموعة من التشريعات الوطنية المؤطرة لحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة ، وتعززت هذه الترسانة مع تسطير دستور 2011 الذي جاء بنفس حقوقي ركز فيه على الحقوق الفئوية و على مبدأ سمو الإتفاقيات الدولية ، إضافة إلى القانون الإطار 97-13 المتعلق بحماية حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة و النهوض بها . و تعززت الترسانة القانونية بالقانون 16-66 المغير و المتمم بموجبه القانون رقم 03-77 المتعلق بالإتصال السمعي البصري و الذي تنص فيه المادة 46 على أن : يتولى القطاع العمومي السمعي البصري في إطار المصلحة العامة مهام الخدمة العمومية [….] السهر على ضمان الأشخاص ضعيفي السمع و/أو البصر إلى البرامج الإذاعية و التلفزية ، و كذا المادة 48 على أنه : يجب على الشركات الوطنية للإتصال السمعي البصري العمومي احترام دفتر للتحملات تحدد فيه إلتزاماتها الخاصة [….] ولوج الأشخاص ضعيفي السمع إلى البرامج المبثوثة .
إضافة إلى قرار المجلس الأعلى للإتصال السمعي البصري رقم 16-33 المتعلق بضمان التعددية السياسية في خدمات الاتصال السمعي البصري خلال الإنتخابات التشريعية العامة لسنة 2016 خصوصا المادة 13 : تعمل خدمات الاتصال السمعي البصري على ضمان ولوج ذوي الاحتياجات الخاصة إلى برامج الفترة الانتخابية، خصوصا من خلال الترجمة إلى لغة الإشارة أو الكتابة أسفل الشاشة أو أي وسيلة أخرى .
و كذلك المبادئ والمرجعيات و كذا الالتزامات التي تحددها دفاتر التحملات والتي تهم الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة المغربية و المتمثلة في الإستجابة لحاجيات الأشخاص ذوي الإحتياجات الخاصة (الأهداف العامة) و المواد 2،3،19 و 38 التي تنص على تطوير ولوج الأشخاص ضعيفي السمع الى البرامج المبثوثة وذلك عن طريق استعمال جميع الوسائل المواتية [….] وضمان ترجمتها الى لغة الأشخاص الصم او ضعيفي السمع .
و برغم الترسانة الحقوقية الدولية و القوانين الوطنية ذات العلاقة بموضوع الإعاقة و الإعلام التي يتمتع بها المغرب إلا أن تفعيل مقتضياتها مازال يحتاج إلى ترافع من أجل إعمالها و أجر أتها ، و كذلك تحفيز متعهدي القطاع السمعي البصري العمومي بالوفاء بالتزاماتهم و بدفتر التحملات خصوصا وأن هناك مواد محددة بسقف زمني من أجل تنزيلها كما هو الشأن بالنسبة للمادة 38 من دفاتر تحملات الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة المغربية و التي تنص على أن : تدخل مقتضيات هذه المادة حيز التنفيذ ابتداءا من فاتح اكتوبر 2012. إلا أنه لحد الآن لم يتم تنفيذها بالكامل.
من جهة أخرى ، و في سياق الإصلاحات السياسية والانفتاح الطوعي الذي عرفه المغرب منذ التسعينات ، اعتمدت الحكومة “خطة وطنية للنهوض بالديمقراطية وحقوق الإنسان” في دجنبر 2017 ، تهدف إلى ترسيخ مسلسل الإصلاح السياسي ومأسسة حقوق الإنسان وتعزيز دينامية الوعي الحقوقي وتدعيم المبادرات المساهمة في انبثاق ديمقراطية تشاركية.
وتضم الخطة الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان (2018 -2021)، أربعة محاور تشمل 430 تدبيرا. وتهم المحاور كلا من الديمقراطية والحكامة، والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، وحماية الحقوق الفئوية والنهوض بها، والإطار القانوني و المؤسساتي.
ويتناول المحور الفرعي الرابع من المحور الثالث من الخطة الوطنية حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة و يهدف إلى حمايتها و النهوض بها و ضمان مشاركتهم الإجتماعية الكاملة .
و من أجل العمل على أجرأة التدبير 325 الخاص بتمكين الأشخاص في وضعية إعاقة من خدمات الإعلام و التواصل عن طريق إدماج لغة الإشارة في البرامج الإعلامية ، يأتي مشروع ” الاعلام والأشخاص في وضعية إعاقة اية مكانة في الخطة الوطنية في مجال الديموقراطية وحقوق الانسان؟ ” موضوع اتفاقية شراكة بين جمعية آفاق لتأهيل و إدماج الأشخاص في وضعية إعاقة و وزارة الدولة المكلفة بحقوق الإنسان من أجل المساهمة في تعزيز وصول الأشخاص في وضعية اعاقة إلى خدمات الإعلام وتكريس المقاربة الحقوقية في تناول قضايا الإعاقة ، من خلال التعريف بمضامين الخطة الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الانسان خاصة الحق في وصول الأشخاص في وضعية إعاقة الى خدمات الاعلام والتواصل، و تعزيز قدرات الصحفيين و الإعلاميين في مجال إعمال المقاربة الحقوقية في تناول قضايا الإعاقة، و العمل على صياغة مذكرة ترافعية, للمطالبة بتعميم لغة الإشارة بقنوات القطاع العمومي للاتصال السمعي البصري .
وستكون أنشطة المشروع مبرمجة على الشكل التالي :
- ندوة حول حق الأشخاص في وضعية إعاقة في الوصول إلى خدمات الإعلام والتواصل على ضوء الخطة الوطنية في مجال الديموقراطية وحقوق الانسان
- دورة تكوينية حول الممارسة الاتفاقية للمملكة والإطار الدولي والوطني للإعاقة
- دورة تكوينية حول: اليات ادماج بعد حقوق الانسان المتعلق بموضوع الإعاقة في المنتوج الصحفي
- دورة تكوينية حول: تقنيات الترافع عبر منهجية الخمس خطوات لاستراتيجيات فعالة
- ندوة ختامية لتقديم مخرجات المشروع وتقييمه